فصل: الفصل الثالث: صفة إجباره على ترك ما انتقل إليه

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المغني **


مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏وعمة الأمة وخالتها في ذلك كأختها‏]‏

يعني في تحريم الجمع بينهما في الوطء‏,‏ والتفصيل فيهما كالتفصيل في الأختين على ما ذكرنا‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏ولا بأس أن يجمع بين من كانت زوجة رجل وابنته من غيرها‏]‏

أكثر أهل العلم يرون الجمع بين المرأة وربيبتها جائزا لا بأس به‏,‏ فعله عبد الله بن جعفر وعبد الله بن صفوان بن أمية وبه قال سائر الفقهاء إلا الحسن‏,‏ وعكرمة وابن أبي ليلى رويت عنهم كراهته لأن إحداهما لو كانت ذكرا حرمت عليه الأخرى فأشبه المرأة وعمتها ولنا‏,‏ قول الله تعالى ‏{‏ وأحل لكم ما وراء ذلكم‏}‏ ولأنهما لا قرابة بينهما فأشبهتا الأجنبيتين ولأن الجمع حرم خوفا من قطيعة الرحم القريبة بين المتناسبتين‏,‏ ولا قرابة بين هاتين وبهذا يفارق ما ذكروه‏.‏

فصل‏:‏

ولو كان لرجل ابن من غير زوجته ولها بنت من غيره‏,‏ أو كان له بنت ولها ابن جاز تزويج أحدهما من الآخر في قول عامة الفقهاء وحكي عن طاوس كراهيته إذا كان مما ولدته المرأة بعد وطء الزوج لها والأول أولى لعموم الآية والمعنى الذي ذكرناه‏,‏ فإنه ليس بينهما نسب ولا سبب يقتضي التحريم وكونه أخا لأختها لم يرد الشرع بأنه سبب للتحريم‏,‏ فبقي على الإباحة لعموم الآية ومتى ولدت المرأة من ذلك الرجل ولدا صار عما لولد ولديهما وخالا‏.‏

فصل‏:‏

وإن تزوج امرأة لم تحرم أمها ولا ابنتها على أبيه ولا ابنه فمتى تزوج امرأة وزوج ابنه أمها جاز لعدم أسباب التحريم فإذا ولد لكل واحد منهما ولد‏,‏ كان ولد الابن خال ولد الأب وولد الأب عم ولد الابن ويروى أن رجلا أتى عبد الملك بن مروان فقال‏:‏ يا أمير المؤمنين‏,‏ إني تزوجت امرأة وزوجت ابني بأمها فأخبرنا فقال عبد الملك‏:‏ إن أخبرتني بقرابة ولدك من ولد ابنك أخبرتك فقال الرجل‏:‏ يا أمير المؤمنين‏,‏ هذا العريان بن الهيثم الذي وليته قائم سيفك إن علم ذلك فلا تخبرني فقال العريان‏:‏ أحدهما عم الآخر والآخر خاله‏.‏

فصل‏:‏

وإذا تزوج رجل بامرأة‏,‏ وزوج ابنه بنتها أو أمها فزفت امرأة كل واحد منهما إلى صاحبه فوطئها‏,‏ فإن وطء الأول يوجب عليه مهر مثلها لأنه وطء شبهة ويفسخ به نكاحها من زوجها لأنها صارت بالوطء حليلة ابنه أو أبيه ويسقط به مهر الموطوءة عن زوجها لأن الفسخ جاء من قبلها‏,‏ بتمكينها من وطئها ومطاوعتها عليه ولا شيء لزوجها على الواطئ لأنه لم يلزمه شيء يرجع به‏,‏ ولأن المرأة مشاركة في إفساد نكاحها بالمطاوعة فلم يجب على زوجها شيء كما لو انفردت به ويحتمل أن يلزمه لزوجها نصف مهر مثلها لأنه أفسد نكاحها قبل الدخول‏,‏ أشبه المرأة تفسد نكاحه بالرضاع وينفسخ نكاح الواطئ أيضا لأن امرأته صارت أما لموطوءته أو بنتا لها ولها نصف المسمى فأما وطء الثاني فيوجب مهر المثل للموطوءة خاصة فإن أشكل الأول‏,‏ انفسخ النكاحان ولكل واحدة مهر مثلها على واطئها ولا يثبت رجوع أحدهما على الآخر‏,‏ ويجب لامرأة كل واحد منهما على الآخر نصف المسمى ولا يسقط بالشك‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏رائر نساء أهل الكتاب وذبائحهم حلال للمسلمين‏]‏

ليس بين أهل العلم بحمد الله‏,‏ اختلاف في حل حرائر نساء أهل الكتاب وممن روى عنه ذلك عمر وعثمان وطلحة‏,‏ وحذيفة وسلمان وجابر وغيرهم قال ابن المنذر‏:‏ ولا يصح عن أحد من الأوائل أنه حرم ذلك وروى الخلال‏,‏ بإسناده أن حذيفة وطلحة‏,‏ والجارود بن المعلى وأذينة العبدى تزوجوا نساء من أهل الكتاب وبه قال سائر أهل العلم وحرمته الإمامية‏,‏ تمسكا بقوله تعالى ‏{‏ ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ‏}‏ ‏{‏ ولا تمسكوا بعصم الكوافر‏}‏ ولنا قول الله تعالى ‏{‏ اليوم أحل لكم الطيبات إلى قوله‏:‏ والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن ‏}‏ وإجماع الصحابة فأما قوله سبحانه ‏{‏ ولا تنكحوا المشركات ‏}‏ فروي عن ابن عباس أنها نسخت بالآية التي في سورة المائدة وكذلك ينبغي أن يكون ذلك في الآية الأخرى لأنهما متقدمتان‏,‏ والآية التي في أول المائدة متأخرة عنهما وقال آخرون‏:‏ ليس هذا نسخا فإن لفظة المشركين بإطلاقها لا تتناول أهل الكتاب بدليل قوله سبحانه ‏{‏ لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين ‏}‏ وقال ‏{‏ إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين ‏}‏ وقال‏:‏ ‏{‏ لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ‏}‏ وقال‏:‏ ‏{‏ ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين ‏}‏ وسائر أي القرآن يفصل بينهما‏,‏ فدل على أن لفظة المشركين بإطلاقها غير متناولة لأهل الكتاب وهذا معنى قول سعيد بن جبير وقتادة‏,‏ ولأن ما احتجوا به عام في كل كافرة وآيتنا خاصة في حل أهل الكتاب والخاص يجب تقديمه إذا ثبت هذا‏,‏ فالأولى أن لا يتزوج كتابية لأن عمر قال للذين تزوجوا من نساء أهل الكتاب‏:‏ طلقوهن فطلقوهن إلا حذيفة فقال له عمر‏:‏ طلقها قال‏:‏ تشهد أنها حرام‏؟‏ قال‏:‏ هي جمرة طلقها قال‏:‏ تشهد أنها حرام‏؟‏ قال‏:‏ هي جمرة قال‏:‏ قد علمت أنها جمرة‏,‏ ولكنها لي حلال فلما كان بعد طلقها فقيل له‏:‏ ألا طلقتها حين أمرك عمر‏؟‏ قال‏:‏ كرهت أن يرى الناس إني ركبت أمرا لا ينبغي لي ولأنه ربما مال إليها قلبه ففتنته وربما كان بينهما ولد فيميل إليها‏.‏

فصل‏:‏

وأهل الكتاب الذين هذا حكمهم‏,‏ هم أهل التوراة والإنجيل قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏ أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا ‏}‏ فأهل التوراة اليهود والسامرة وأهل الإنجيل النصارى ومن وافقهم في أصل دينهم من الإفرنج والأرمن وغيرهم وأما الصابئون فاختلف فيهم السلف كثيرا‏,‏ فروي عن أحمد أنهم جنس من النصارى ونص عليه الشافعي وعلق القول فيهم في موضع آخر وعن أحمد أنه قال‏:‏ بلغني أنهم يسبتون فهؤلاء إذا يشبهون اليهود والصحيح فيهم أنهم إن كانوا يوافقون النصارى أو اليهود في أصل دينهم ويخالفونهم في فروعه‏,‏ فهم ممن وافقوه وإن خالفوهم في أصل الدين فليس هم منهم والله أعلم وأما من سوى هؤلاء من الكفار‏,‏ مثل المتمسك بصحف إبراهيم وشيث وزبور داود فليسوا بأهل كتاب‏,‏ ولا تحل مناكحتهم ولا ذبائحهم وهذا قول الشافعي وذكر القاضي فيهم وجها آخر أنهم من أهل الكتاب وتحل ذبائحهم‏,‏ ونكاح نسائهم ويقرون بالجزية لأنهم تمسكوا بكتاب من كتب الله عز وجل فأشبهوا اليهود والنصارى ولنا‏,‏ قول الله تعالى‏:‏ ‏{‏ أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا ‏}‏ ولأن تلك الكتب كانت مواعظ وأمثالا لا أحكام فيها فلم يثبت لها حكم الكتب المشتملة على الأحكام‏.‏

فصل‏:‏

وليس للمجوس كتاب‏,‏ ولا تحل ذبائحهم ولا نكاح نسائهم نص عليه أحمد وهو قول عامة العلماء إلا أبا ثور‏,‏ فإنه أباح ذلك لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- ‏(‏‏(‏ سنوا بهم سنة أهل الكتاب ‏)‏‏)‏ ولأنه يروى أن حذيفة تزوج مجوسية ولأنهم يقرون بالجزية فأشبهوا اليهود والنصارى ولنا قول الله تعالى‏:‏ ‏{‏ ولا تنكحوا المشركات ‏}‏ وقوله‏:‏ ‏{‏ ولا تمسكوا بعصم الكوافر ‏}‏ فرخص من ذلك في أهل الكتاب‏,‏ فمن عداهم يبقى على العموم ولم يثبت أن للمجوس كتابا وسئل أحمد أيصح عن على أن للمجوس كتابا‏؟‏ فقال‏:‏ هذا باطل واستعظمه جدا ولو ثبت أن لهم كتابا‏,‏ فقد بينا أن حكم أهل الكتاب لا يثبت لغير أهل الكتابين وقوله عليه السلام‏:‏ ‏(‏‏(‏ سنوا بهم سنة أهل الكتاب ‏)‏‏)‏ دليل على أنه لا كتاب لهم وإنما أراد به النبي -صلى الله عليه وسلم- في حقن دمائهم وإقرارهم بالجزية لا غير‏,‏ وذلك أنهم لما كانت لهم شبهة كتاب غلب ذلك في تحريم دمائهم فيجب أن يغلب حكم التحريم لنسائهم وذبائحهم‏,‏ فإننا إذا غلبنا الشبهة في التحريم فتغليب الدليل الذي عارضته الشبهة في التحريم أولى ولم يثبت أن حذيفة تزوج مجوسية وضعف أحمد رواية من روي عن حذيفة أنه تزوج مجوسية وقال‏:‏ أبو وائل يقول‏:‏ تزوج يهودية وهو أوثق ممن روي عنه أنه تزوج مجوسية وقال‏:‏ ابن سيرين‏:‏ كانت امرأة حذيفة نصرانية ومع تعارض الروايات لا يثبت حكم إحداهن إلا بترجيح‏,‏ على أنه لو ثبت ذلك عن حذيفة فلا يجوز الاحتجاج به مع مخالفته الكتاب وقول سائر العلماء وأما إقرارهم بالجزية فلأننا غلبنا حكم التحريم لدمائهم‏,‏ فيجب أن يغلب حكم التحريم في ذبائحهم ونسائهم‏.‏

فصل‏:‏

وسائر الكفار غير أهل الكتاب كمن عبد ما استحسن من الأصنام والأحجار والشجر والحيوان فلا خلاف بين أهل العلم في تحريم نسائهم وذبائحهم وذلك لما ذكرنا من الآيتين‏,‏ وعدم المعارض لهما والمرتدة يحرم نكاحها على أي دين كانت لأنه لم يثبت لها حكم أهل الدين الذي انتقلت إليه في إقرارها عليه ففي حلها أولى‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏وإذا كان أحد أبوى الكافرة كتابيا والآخر وثنيا‏,‏ لم ينكحها مسلم‏]‏

وجملته أنه إذا كان أحد أبوى الكتابية غير كتابي لم يحل نكاحها سواء كان وثنيا أو مجوسيا أو مرتدا وبهذا قال الشافعي‏,‏ فيما إذا كان الأب غير كتابي لأن الولد ينسب إلى أبيه ويشرف بشرفه وينسب إلى قبيلته وإن كانت الأم غير كتابية فله فيه قولان ولنا‏,‏ أنها غير متمحضة من أهل الكتاب فلم يجز للمسلم نكاحها كما لو كان أبوها وثنيا‏,‏ ولأنها متولدة بين من يحل وبين من لا يحل فلم يحل كالسمع والبغل ويحتمل أن تحل بكل حال‏,‏ لدخولها في عموم الآية المبيحة ولأنها كتابية تقر على دينها فأشبهت من أبواها كتابيان والحكم في من أبواها غير كتابيين‏,‏ كالحكم في من أحد أبويها كذلك لأنها إذا حرمت لكون أحد أبويها وثنيا فلأن تحرم إذا كانا وثنيين أولى والاحتمال الذي ذكرناه ثم متحقق ها هنا اعتبارا بحال نفسها دون أبويها‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏وإذا تزوج كتابية‏,‏ فانتقلت إلى دين آخر من الكفر غير دين أهل الكتاب أجبرت على الإسلام فإن لم تسلم حتى انقضت عدتها‏,‏ انفسخ نكاحها‏]‏

الكلام في هذه المسألة في فصول أربعة‏:‏

الأول‏:‏

أن الكتأبي إذا انتقل إلى غير دين أهل الكتاب لم يقر عليه لا نعلم في هذا خلافا فإنه إذا انتقل إلى دين لا يقر أهله بالجزية‏,‏ كعبادة الأوثان وغيرها مما يستحسنه فالأصلى منهم لا يقر على دينه‏,‏ فالمنتقل إليه أولى وإن انتقل إلى المجوسية لم يقر أيضا لأنه انتقل إلى أنقص من دينه فلم يقر عليه‏,‏ كالمسلم إذا ارتد فأما إن انتقل إلى دين آخر من دين أهل الكتاب كاليهودي يتنصر أو النصراني يتهود‏,‏ ففيه روايتان إحداهما لا يقر أيضا لأنه انتقل إلى دين باطل قد أقر ببطلانه‏,‏ فلم يقر عليه كالمرتد والثانية يقر عليه نص عليه أحمد وهو ظاهر كلام الخرقي واختيار الخلال وصاحبه‏,‏ وقول أبي حنيفة لأنه لم يخرج عن دين أهل الكتاب فأشبه غير المنتقل وللشافعي قولان كالروايتين فأما المجوسي إذا انتقل إلى دين لا يقر أهله عليه لم يقر‏,‏ كأهل ذلك الدين وإن انتقل إلى دين أهل الكتاب خرج فيه الروايتان وسواء فيما ذكرنا الرجل والمرأة لعموم قوله عليه السلام‏:‏ ‏(‏‏(‏ من بدل دينه فاقتلوه ‏)‏‏)‏ ولعموم المعنى الذي ذكرناه فيهما جميعا

الفصل الثاني‏:‏

أن المنتقل إلى غير دين أهل الكتاب‏,‏ لا يقبل منه إلا الإسلام نص عليه أحمد واختاره الخلال وصاحبه وهو أحد أقوال الشافعي لأن غير الإسلام أديان باطلة قد أقر ببطلانها فلم يقر عليها كالمرتد وعن أحمد أنه لا يقبل منه إلا الإسلام أو الدين الذي كان عليه لأن دينه الأول قد أقررناه عليه مرة ولم ينتقل إلى خير منه فنقره عليه إن رجع إليه‏,‏ ولأنه منتقل من دين يقر أهله عليه إلى دين لا يقر أهله عليه فيقبل منه الرجوع إليه‏,‏ كالمرتد إذا رجع إلى الإسلام وعن أحمد رواية ثالثة أنه يقبل منه أحد ثلاثة أشياء الإسلام‏,‏ أو الرجوع إلى دينه الأول أو دين يقر أهله عليه لعموم قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون‏}‏ وإن انتقل إلى دين أهل الكتاب وقلنا‏:‏ لا يقر ففيه الروايتان إحداهما‏,‏ لا يقبل منه إلا الإسلام والأخرى لا يقبل منه إلا الإسلام أو الدين الذي كان عليه

الفصل الثالث‏:‏

في صفة إجباره على ترك ما انتقل إليه وفيه روايتان إحداهما أنه يقتل إن لم يرجع‏,‏ رجلا كان أو امرأة لعموم قوله عليه السلام‏:‏ ‏(‏‏(‏ من بدل دينه فاقتلوه ‏)‏‏)‏ ولأنه ذمى نقض العهد فأشبه ما لو نقضه بترك التزام الذمة وهل يستتاب‏؟‏ يحتمل وجهين أحدهما يستتاب لأنه يسترجع عن دين باطل انتقل إليه‏,‏ فيستتاب كالمرتد والثاني‏:‏ لا يستتاب لأنه كافر أصلى أبيح قتله فأشبه الحربى فعلى هذا إن بادر وأسلم‏,‏ أو رجع إلى ما يقر عليه عصم دمه وإلا قتل والرواية الثانية عن أحمد قال‏:‏ إذا دخل اليهودي في النصرانية‏,‏ رددته إلى اليهودية ولم أدعه فيما انتقل إليه فقيل له‏:‏ أتقتله‏؟‏ قال‏:‏ لا‏,‏ ولكن يضرب ويحبس قال‏:‏ وإن كان نصرانيا أو يهوديا فدخل في المجوسية كان أغلظ لأنه لا تؤكل ذبيحته‏,‏ ولا تنكح له امرأة ولا يترك حتى يرد إليها فقيل له‏:‏ تقتله إذا لم يرجع‏؟‏ قال‏:‏ إنه لأهل ذلك وهذا نص في أن الكتابي المنتقل إلى دين آخر من دين أهل الكتاب لا يقتل بل يكره بالضرب والحبس‏.‏

الفصل الرابع‏:‏

أن امرأة المسلم الذمية‏,‏ إذا انتقلت إلى دين غير دين أهل الكتاب فهي كالمرتدة لأن غير أهل الكتاب لا يحل نكاح نسائهم فمتى كان قبل الدخول‏,‏ انفسخ نكاحها في الحال ولا مهر لها لأن الفسخ من قبلها وإن كان بعده‏,‏ وقف على انقضاء العدة في إحدى الروايتين والأخرى ينفسخ في الحال أيضا

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏وأمته الكتابية حلال له‏,‏ دون أمته المجوسية‏]‏

الكلام في هذه المسألة في فصلين‏:‏

أحدهما‏:‏

أن أمته الكتابية حلال له وهذا قول عامة أهل العلم إلا الحسن فإنه كرهه لأن الأمة الكتابية يحرم نكاحها فحرم التسري بها كالمجوسية ولنا‏,‏ قول الله تعالى‏:‏ ‏{‏ إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين ‏}‏ ولأنها ممن يحل نكاح حرائرهم فحل له التسري بها كالمسلمة فأما نكاحها فيحرم لأن فيه إرقاق ولده‏,‏ وإبقاءه مع كافرة بخلاف التسري‏.‏

الفصل الثاني‏:‏

أن من حرم نكاح حرائرهم من المجوسيات وسائر الكوافر سوى أهل الكتاب‏,‏ لا يباح وطء الإماء منهن بملك اليمين في قول أكثر أهل العلم منهم مرة الهمداني والزهري‏,‏ وسعيد بن جبير والأوزاعي والثوري‏,‏ وأبو حنيفة ومالك والشافعي وقال ابن عبد البر‏:‏ على هذا جماعة فقهاء الأمصار‏,‏ وجمهور العلماء وما خالفه فشذوذ لا يعد خلافا ولم يبلغنا إباحة ذلك إلا عن طاوس ووجه قوله عموم قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم ‏}‏ والآية الأخرى وروى أبو سعيد ‏(‏‏(‏ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث يوم حنين بعثا قبل أوطاس‏,‏ فأصابوا لهم سبايا فكأن ناسا من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تحرجوا من غشيانهن من أجل أزواجهن من المشركين‏,‏ فأنزل الله عز وجل في ذلك‏:‏ ‏{‏ والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم ‏}‏ قال‏:‏ فهن لهم حلال إذا انقضت عدتهن ‏)‏‏)‏ وعنه ‏(‏‏(‏ ‏,‏ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في سبايا أوطاس‏:‏ لا توطأ حامل حتى تضع ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة ‏)‏‏)‏ رواهما أبو داود وهو حديث صحيح وهم عبدة أوثان وهذا ظاهر في إباحتهن ولأن الصحابة في عصر النبي -صلى الله عليه وسلم- كان أكثر سباياهم من كفار العرب‏,‏ وهم عبدة أوثان فلم يكونوا يرون تحريمهن لذلك ولا نقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- تحريمهن‏,‏ ولا أمر الصحابة باجتنابهن وقد دفع أبو بكر إلى سلمة بن الأكوع امرأة من بعض السبى نفلها إياه‏,‏ وأخذ عمر وابنه من سبى هوازن وكذلك غيرهما من الصحابة والحنفية أم محمد ابن الحنفية من سبى بني حنيفة‏,‏ وقد أخذ الصحابة سبايا فارس وهم مجوس فلم يبلغنا أنهم اجتنبوهن‏,‏ وهذا ظاهر في إباحتهن لولا اتفاق أهل العلم على خلافه وقد أجبت عن حديث أبي سعيد بأجوبة منها أنه يحتمل أنهن أسلمن‏,‏ كذلك روي عن أحمد أنه سأله محمد بن الحكم قال‏:‏ قلت لأبي عبد الله‏:‏ هوازن أليس كانوا عبدة أوثان‏؟‏ قال‏:‏ لا أدرى كانوا أسلموا أو لا وقال ابن عبد البر‏:‏ إباحة وطئهن منسوخة بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن‏}‏‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏وليس للمسلم وإن كان عبدا أن يتزوج أمة كتابية‏]‏

لأن الله تعالى قال‏:‏ ‏{‏من فتياتكم المؤمنات‏}‏ هذا ظاهر مذهب أحمد رواه عنه جماعة وهو قول الحسن‏,‏ والزهري ومكحول ومالك‏,‏ والشافعي والثوري والأوزاعي‏,‏ والليث وإسحاق وروى ذلك عن عمر وابن مسعود‏,‏ ومجاهد وقال أبو ميسرة وأبو حنيفة‏:‏ يجوز للمسلم نكاحها لأنها تحل بملك اليمين فحلت بالنكاح كالمسلمة ونقل ذلك عن أحمد قال‏:‏ لا بأس بتزويجها إلا أن الخلال رد هذه الرواية‏,‏ وقال‏:‏ إنما توقف أحمد فيها ولم ينفذ له قول ومذهبه أنها لا تحل لقول الله تعالى‏:‏ ‏{‏ فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات‏}‏ فشرط في إباحة نكاحهن الإيمان‏,‏ ولم يوجد وتفارق المسلمة لأنه لا يؤدى إلى استرقاق الكافر ولدها‏,‏ لأن الكافر لا يقر ملكه على مسلمة والكافرة تكون ملكا لكافر ويقر ملكه عليها وولدها مملوك لسيدها‏,‏ ولأنه قد اعتورها نقصان نقص الكفر والملك فإذا اجتمعا منعا‏,‏ كالمجوسية لما اجتمع فيها نقص الكفر وعدم الكتاب لم يبح نكاحها ولا فرق بين الحر والعبد في تحريم نكاحها لعموم ما ذكرنا من الدليل‏,‏ ولأن ما حرم على الحر تزويجه لأجل دينه حرم على العبد كالمجوسية‏.‏